رسالة من رمادي

ناشدتكم الله والأرحام، وناشدتكم الرجولة والبطولة أني أنا جمال، جميل الأفعال، ناشدتكم بذرة العقل التي بقيت فيكم أن لا تفعلوا رويدكم أمهلوا الحقيقة دقيقة، رويدكم أنا جمال القادم من أقصى المدينة أسعى لأكون ساعدا مع سواعدكم، رويدكم ماذا تفعلون، أنا جمال ..

كل ما كنت احتاجه وتحتاجونه دقيقة، فيها لحظة عقل ونعود سويا إلى امهاتنا تشرق من شفاهنا الشمس وتشرق الحياة من عيوننا، دقيقة لو استمعتم لي فيها كنا سنعود متكاتفين متعانقين ورماد النيران التي اخمدناها تختلط بعرقنا ودموعنا، كانت دقيقة فلما قتلتم تلك الدقيقة في أول دقيقة .

يا اخوتي كان يمكنكم ان تكونوا كإخوة يوسف وتلقوا بي إلى غياهب الجب او البحر، أو تتركوني أدخل الغابة عاريا صدري واحترق فيها، على ان تحرقوني حيا، فنار الغابة التي كنت ارعى فيها الحيوان والطير و اغرس فيها الفسيلة و أروي فيها الزهور البرية كانت ستكون علي بردا وسلاما وأموت فيها مطمئنا باسما.

يا إخوتي لو صبرتم دقيقة، لو تركتموني أقول الحقيقة، كانت مجرد دقيقة تستمعون فيها الي أنا جمال لتروا الحقيقة، أني أنا جمال و أني ما جئت غازيا ولا شاهرا سيفا بل جئتكم بصدري العاري شاهرا قلبي ليحتويكم، فعلامَ نكلتم بي أوَ ما كان يكفيكم قتلي بضربة واحدة تريحني و تريحكم .

أو مكان فيكم واحدا يقتلني فيتحمل وزر دمي على ان يتفرق دمي بينكم فتصبحون كلكم قابيل و لا تجدون غرابا يعلمكم دفني؟ سأظل في ضميركم حيا بلا قبر، ستذكرون حين سألتكم جرعة ماء و حين سألت آخر رجاء، ستذكرون حين ناشدتكم أن تركنوا للعقل دقيقة.

سألتكم و النار في عيونكم شرر، و في قلوبكم تستعر، سألتكم شربة ماء، فقط شربة ماء قبل أن ينزل القضاء. فحرمتم عني الجرعة و الدمعة، ارسلتموني إلى الفناء ظمآن عطشا و رويتكم دمي نخب جنونكم .

سأبعث من رمادي يا اخوتي كما العنقاء، سأعود يا اخوتي كما عاد يوسف من غيابات الجب ولن، تكونوا أثنى عشر كوكبا و لن يكون منكم شمسا و لا قمرا، بل مجرد كائنات تحترق ما بقي لها من عمر ندما، و ألما و كمدا و لن يطفئ ناركم دموع عمركم و معها بحاركم و وديانكم، انا جمال لن انتقم، فليس لي من الوقت لانتقم،

سأعود مثل يوسف النبي لأزرع الأرض المحروقة وردا واقحوان، وأعيد شجر الزيتون كما كان، سأعود من رمادي لأعيد الأرانب البرية والغزلان وشقائق النعمان. فشكرا من القلب المشتعل حبا و ان اضرمتم فيه نارا ان الحقتموني بالملكوت و السموات و اني الان في ذمة الله

ـأنظر إلى وطني من علياء سمائي شعبا واحدا موحدا. ستنهض بلادي من رمادي بشعبها ،شرقها وغربها وجنوبها وشمالها بلادا واحدة، فهنيئا لي رفقة الشهداء عميروش والحواس، وابن مهيدي ولطفي، لكني حزين فما عساني اقول للشهداء، اجيبوني ما اقول ؟ اقول لأسيادي الشهداء؟ أأقول إخواني عذبوني،

فحين يشفى غليلهم سحلوني، ثم لم يسمعوني فقتلوني، ثم رقصوا فوق جثماني ثم احرقوني، ثم بعد حرقي ذبحوني ؟ لا لن اقول للشهداء ما يبكيهم و يبكيني، سأقول لهم ان اخوتي من فرط حبهم لي بالشهداء ألحقوني، و مازلت أسأل، ماذا لو أمهلتموني ؟

انا يا اخوتي انتهيت لابدأ ، اما انتم فانتهيتم قبل ان تبدؤوا، و انا يا اخوتي مت لأحيَ اما انتم فتحيون لتموتو، و شتان بين من يموت ليحي و من يحي ليموت يا اخوة كنت اعتقد انكم اخواني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى