البحث عن دعسوقة

حين كان الربيع ربيعا في زمن كانت حياة الجزائري كلها مثل الربيع، و في وسط السهول و الحقول لم يكن صعبا ان تلاحظ دعسوقة حطت على كتفك أو دخلت سيارتك أو غرفتك من النافذة،

اليوم و بعد أن تغير فينا كل شيء و تخلينا عن بيوت القرميد الدافئة الجميلة وانتقلنا الى هياكل الاسمنت و الحديد و الخرسانة المسلحة التي حجبت الشمس و زحفت على الحقول و المزارع و حتى العقول،

و صولا إلى تغير الناس بعدما فقد الكثير منا إنسانيته و ادميته و تحول كل منا إلى كائن كل همه هو ابتلاع كل شيء من أجل اللاشيء،

لهذا و أكثر لم نعد نرى الدعسوقة الربيعية في الربيع و لا في الصيف فهي حشرة جميلة نقية و عزيزة النفس تأبى العيش وسط ربيع ينبت فيه (البيطون) بدل الزهور، بل و منذ ظهرت التعددية الحزبية و تفرق شمل العائلات و الاخوة و صار كل حزب بما لديهم فرحون طارت الدعاسيق تبحث عن الكرامة و الطيبة في مكان ما من الأرض لا يغزو فيها الاسمنت المسلح الحقول و لا الافكار المسمومة العقول و لا يتم فيها قتل الربيع بالعمارات التي تحجب الشمس،

و كيف يطل علينا الربيع و ما زلنا في مجتمعنا كلنا مرضى بشتى العلل التفسية المستعصية و كأننا نعيش في مستشفى كبير للأمراض النفسية و العصبية نقتل فيه اي شيء جميل، و يكفي أن يرجع المرء سنوات إلى الخلف ليكتشف انه لم يعد ثمة فصل ربيع عندنا بعدما اختفت الدعسوقة و لو سألنا الجيل الجديد عن الدعسوقة لما عرفوها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى