و كم من بلماضي بيننا تعيس

دعونا هنا نؤكد أن ما سنكتبه لا يتعلق ببلماضي حتى لا يعتقد البعض أننا نبالغ في الكتابة عن المدرب، فالرجل له ما له و عليه ما عليه، و ما له أكثر مما عليه، و هذا بالأرقام و ليس بالشعارات،
القضية لم تعد تتعلق بمدرب فشل في مهامه و طوي ملفه، و لكن في آلة جهنمية متواجدة في كل المجالات، بارعة في تحطيم كل شخص يود تقديم الإضافة للبلاد، فلو لاحظتم أن بلماضي منذ قدومه قطع طريق على الذين وجدوا في الفريق الوطني ضرعا يحلبون منه و طائرة تقلهم للسياحة مجانا،
و علاقات تفتح الأبواب لتوظيف أولادهم بلا مؤهلات، و البزنسة في اللاعبين و اخذ نسب مؤوية مع صفقات ضمهم، و لأن بلماضي وقف لهم في الحلق كان لزاما حلقه من على رأس النخبة الوطنية، لكن كيف و الرجل أثبت جدارته؟
الأمر يبدأ بخطوات و صبر أشهر و حتى سنوات، يبدأ الأمر بإشغاله و تشتيت تركيزه، فمرة تظهر مشكلة في عشب الملاعب، فيصبح المدرب هو المسؤول عن العشب و الحريص عليه و لم ينقص سوى أن يقوم بسقيه و جزه، و اشغاله بحراسة مركب سيدي موسى من الدخلاء الذين لا علاقة لهم بالمركب فيصبح (عساسا)،
عليه التحرك ليلا و مرات نهارا ليحرس و يتفقد المركب، ثم عليه تنظيم الندوات الصحفية و تحمل الأسئلة الغبية و المثيرة و الطلب من هذا توقيف رنين هاتفه و من ذلك إحترام الندوة و عليه التحمل باعصاب باردة تفاهة المحللين الذين لم يبذلوا في حياتهم جهدا لتحمل المسؤولية سوى مسؤولية حمل قفة لمدراء القنوات و أعضاء في الفيدرالية و أطراف اخرى، في خضم هذا يصبح المدرب يمارس كل شيء إلا التدريب،
و في المحصلة يتم تحويله الى شخص غبي و مجنون ثم إخراجه من الباب الضيق، ما حدث لبلماضي يحدث للكثير من الكفاءات في مختلف القطاعات، و هنا تحضرني قصة بروفيسور عين عميدا لإحدى الجامعات، فحاول الإصلاح فوجد عصابة الإدارة الاولى بالمرصاد بعدما تحالفت عليه، فصار يراقب في كل مرة حضيرة السيارات في الجامعة بسبب سرقات قطع الغيار و الأعطال الغريبة التي تحدث في كل مرة للسيارات،
و دخل في صراع بسبب السكنات الوظيفية التي يشغلها البعض بغير حق رغم ان لهم سكنات، و حين يطلب من السكرتيرة طبع تقرير او ما شابه تخبره أن الناسخة معطلة، يأتي بناسحة جديدة من المخزن فيكتشف أن الحبر غير مناسب لها، و هكذا انشغل بمشاكل ليست من اختصاصه و نسي مهام البيداغوجيا و المهام الجسام، حتى صاروا ينادونه بالمهبول.
هذه الآلة الرهيبة التي تتحالف فيما بينها و تختلق لكل مجتهد مشاكل هامشية موجودة في كل القطاعات، و لا تترك اي شخص نزيه حتى تخرجه من عقله و تجعله يكلم نفسه، ثم تجهز عليه بالقاضية.